وفي اليوم العالمي للكتاب نسأل أنفسنا هل بقي الكتاب وحده الوسيلة المعرفية أم أن التغيرات العالمية والانفتاح الفضائي والرقمي أفقداه كثيرا من قيمته وأهميته...!!!؟؟؟
للإجابة على هذا السؤال نبدأ بالمراحل التاريخية للتبادل المعرفي وكيف بدأت الإنسانية بالأسفار والمشافهة للتعرف على الثقافات الأخرى ومن ثم الكتابة والكتب، وإلى هنا يبقى التنوع والتعدد الثقافي مقبولا دون إنكار للخصوصيات الثقافية التاريخية، وقد حفل تاريخنا الثقافي بمساجلات طريفة حول التباين المعرفي بين المشرق والمغرب العربيين، فحين جاءت إلى المشرق كتب أبي علي القالي وابن عبد ربه وسواهما من صُنٌاع فن الخبر، قال المشرق العربي "بضاعتنا رُدّت إلينا " وكان أهل المشرق حملوا معهم إلى المغرب كل معارفهم وأضافوا إليها باختلاطهم بثقافات أخرى...
ظهور الفضائيات في مطلع التسعينيات خلق تواصل شكلي داخل الحضارة الواحدة( الحضارة العربية ) مشرقها ومغربها وأصبح الكتاب ضعيف الحضور والانتشار لصالح الدراما والتلفزيون التي أخذت النصيب الأوفر، والتي لاتصل إلى العمق المعرفي الفكري الذي يحققهما الكتاب...
اليوم في القرن الحادي والعشرين ومع انتشار العالم الرقمي زادت الهوّة بين الكتاب كمرجع ثقافي معرفي وبين العالم الإنساني، حيث أصبحت شبكة(غوغل ) التي أسسها أمريكيان من المؤسسة السياسية(إيريك شميدت ) مدير برمجيات غوغل و(جارد كوهين ) لتكون عنصرا أساسيا في السياسة الخارجية الأميركية، وليكون العالم الرقمي البديل للكتاب المعرفي وبالتالي يُسٌهل عملية عولمة الحاجات والذوق والثقافة اليومية..
حماية التنوع الثقافي في العالم أصبحت ضرورة وتبدأ من حماية الكتاب والملكية الفكرية والتشجيع على القراءة وأخذ المعلومة من مصادرها الأساسية بعيدا عن كل مامن شأنه حصار العالم الثالث ونهب كفاءاته واحتكار منجزات التقدم العلمي والثقافي والفني، والارتقاء بالحياة الإنسانية بعيدا عن هيمنة كل أشكال القوى الاستعمارية التي تُبيح لإسرائيل التطوير من جانب وتغتال المفكرين والعلماء في عالمنا من جانب آخر...
للأسف هناك من يٌسدّد أجهزة الاتصالات المتطورة والعالم الفضائي تجاه الكتاب ويهدر منجزاتنا الحضارية ولابدّ من التحصين وإعادة الألق للكتاب والمنجز الثقافي المعرفي العربي...