الكتيب الذي ألفه الباحث الدكتور محمد عطا موعد ضم أربع قصائد ثلاث منها تنسب لأمهات الشعر الجاهلي في الفصاحة والقوة وجزالة الألفاظ وهي “رائية المسيب بن علس” و”زائية الشماخ” و”عينية الأعشى” وكان لافتا أن المؤلف أضاف اليها قصيدة رابعة تنتمي لعصرنا الحديث ولشاعر من رواد الحداثة وهي نص لمحمود درويش.
ويرى موعد أن شعرنا العربي مفعم بعذب النصوص غني بالمشاهد الحافلة بالمشاعر والحس المرهف ولكن المشكلة أن لا أحد يقربه في هذه الأيام ولاسيما الجاهلي منه رغم ما فيه من مشاهد في غاية الروعة والجمال.
ففي رائية المسيب التي أطلق عليها موعد “الجمانة البحرية” يشرح بكثير من التفصيل حالة هذا الشاعر العاشق الذي هجرته المحبوبة وكيف بدت بعينيه كدرة نفيسة جعلته يشبهها بالجمانة وهي اللؤلؤة ثم يبحر بشعره في رحلة بحرية افتراضية بحثاً عنها حتى يجدها.
في حين جاءت زائية الشماخ بعيدة عن موضوع القصيدة الأولى فالشاعر الذي أدرك الجاهلية والإسلام وعد من المخضرمين يصف برؤية تكاد تكون سينمائية مشهد قطيع من حمر الوحش رماها رجل اسمه عامر الخضري ليؤمن قوته مع تفصيل شعري شديد لكيفية صناعته لقوس الرماية.
القصيدة الثالثة للشاعر الأعشى وتناول فيها على عادة الشعراء الجاهليين وصف بقرة وحشية طاردها وحش كاسر يريد افتراس رضيعها ثم يصف الشاعر حزنها على صغيرها في لوحة شعرية مليئة بالشعور والحس والتكثيف.
ويقطع المؤلف عصورا طويلة ليتجاوز الشعر الجاهلي إلى المعاصر مع قصيدة درويش وهي عبارة عن نص من ديوان أعراس ويحكي عبرها الشاعر الفلسطيني عن عرس جرى في مخيم للاجئين شمال لبنان أغارت عليه طائرات الاحتلال الصهيوني لتحيله إلى مأتم وكان في جملة من نال الشهادة العروسان.
الكتيب الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب ضمن سلسلة قضايا لغوية يقع في 63 صفحة من القطع المتوسط أما المؤلف فهو من مواليد دمشق عام 1959 ويعمل أستاذاً للنحو والصرف في قسم اللغة العربية بجامعة دمشق صدر له عدة كتب لغوية وأدبية “الميسر في القواعد والإعراب” و”الموروث اللغوي وأثره في بناء اللغة” وغيرها.