تتناول الرواية - التي تقع في ٥١١ صفحة من القطع المتوسط - مواضيع العشق والحب ، الروحي والدنيوي في الشرق والغرب ، والماضي والحاضر ، وافكار الصوفيين والدراويش وفلسفتهم في ذلك العصر الذي كان مليئا بالخلافات الدينية والمذهبية والسياسية ، حيث سقطت بغداد بيد المغول في عصرهما .
تتميز الكاتبة بقدرة كبيرة على الرسم بالكلمات بأسلوب سردي وبلغة شاعرية. للرواية شكل جديد الى حد ما في البناء الروائي ، فهي روايتان في رواية واحدة. لا تظهر شخصية الكاتبة في الرواية ، بل تنسج احداثها على لسان كاتب مغمور اسمه «عزيز زاكارا» . تتحدث الرواية الأولى (الاساسية) عن حياة وفلسفة بطلَي الرواية المتصوفَين الفيلسوف والشاعر (جلال الدين الرومي - واستاذه الفيلسوف «الدرويش » شمس التبريزي).
يعلّم التبريزي لتلميذه الرومي اربعين قاعدة من قواعد العشق الالهي ، معظم تلك القواعد يدور حول فكرة التفريق بين: التدين الشكلي الذي يعتمد على تطبيق القواعد الشرعية وطقوس العبادات بالاعتماد على تفسيرات المذاهب الاربعة ، ومن تبعهم من رجال الدين. وبين: الايمان الروحي الذي يعتمد على فلسفة حب الاله من خلال محبة خلقه وخدمتهم ، ومجاهدة النفس لتطهيرها من الحقد والشرور.. (حيث كان شمس التبريزي وهو عالم وفيلسوف يحمل زبدية خشبية في يده ليبدو كشحادٍ ، والهدف هو كسر كبرياء النفس).
يَعتبر التبريزي أن أمام الانسان سبعة اطوار على طريق الوصول الى الحقيقة أو المعرفة.. الطور الأول: هو النفس الامارة ، وهو أشد الاطوار بدائية وانتشارا في الوجود. ففي هذا الطور يكون الناس منهمكين في خدمة ذواتهم الوضيعة ، لكنم دائما يحمّلون الاخرين مسؤولية شقائهم. وفي الطور التالي: يبدأ الانسان يلوم نفسه الدنيئة ، وهنا تصبح «النفس اللوامة» وبذلك يبدأ الإنسان الرحلة نحو النقاء الداخلي.
وفي الطور الثالث: يزداد المرء نضجا وتنتقل النفس لتصبح «النفس الملهمة» ، والمرء الذي يبلغ هذه المرحلة يمتلك الصبر والمثابرة والتواضع والحكمة.اما الذين يتمكنون من المضي قدما فهم يبلغون «وادي الحكمة» ، ويعرفون النفس المطمئنة. ومن الصفات التي تلازم الذين بلغوا هذا الطور: الكرم والعرفان والشعور الدائم بالرضا ، مهما بلغت مشاق الحياة ومصاعبها. ثم يأتي «وادي الوحدة». ويشعر المرء الذي يبلغ هذا المقام بالرضا ، مهما كان الوضع الذي يضعه الله فيه ، فلا تهمه الامور الدنيوية لانه بلغ النفس الراضية.
وفي الطور التالي: تأتي «النفس المرضيّة» حيث يصبح المرء مشكاة للانسانية ، يبث الطاقة في كل من يطلبها ، فحيثما يذهب يحدث اثرا كبيرا في حياة الاخرين ، ويكون هدفه الرئيسي خدمة الله من خلال خدمة الاخرين. وأخيرا يأتي الطور السابع: حيث يبلغ المرء النفس النقية ويصبح (الانسان الكامل) لكن احداً لا يعرف الكثير عن هذه الحالة التي حتى لو بلغها البعض فإنهم لا يتكلمون عنها.
و تتضمن الرواية أحداثا و قصصاً وحكايات لعدد من الشخصيات الثانوية التي تخدم البناء الدرامي الروائي في التشويق من جهة ، وفي تعريف القارئ بفلسفة الصوفيين والدراويش بطريقة غير مباشرة من خلال عرض مواقفهم الانسانية والفكرية مما يحدث لتلك الشخصيات الثانوية كالشحادين والسِكيرين والمتعصبين دينياً والعاهرات.. الخ، ومن خلال تعاطفهم وتعاملهم الإنساني معهم ومحبتهم لهم. كما تتعرض الرواية لهجوم المغول على بغداد وتدمير كل بلدة يمرون بها وقتل رجالها وسبي نسائها.
أما الرواية الثانية المُدخلة بطريقة شديدة الذكاء بالرواية الأولى فهي تتحدث عن حياة اسرة أميركية من خلال تصوير حياة السيدة (ايلا روبنشتاين) واسرتها وعلاقتها الرتيبة بزوجها، والتطورات التي تحدث للاسرة بعد قراءة «ايلا» - بناء على طلب دار نشر اميركية منها قراءة وتقييم - مخطوط الرواية الاصلية ، وكذلك بعد لقائها بالكاتب غير المعروف «عزيز زاكارا» الذي سردت المؤلفة احداث الرواية على لسانه.